السلام عليكم ورحمة الله
قال تعالى ( إذ قال الله ياعيسى إني متوفيك ورافعك إلي )
فما حكاية تقديم الرفع على الموت في الآية ؟
قال العلامة الشنقيطي رحمه الله تعالى
""قوله تعالى: {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيّ} الآية, هذه الآية الكريمة يتوهم من ظاهرها وفاة عيسى عليه السلام وعلى نبينا الصلاة والسلام, وقد جاء في بعض الآيات ما يدل على خلاف ذلك كقوله: {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ}, وقوله: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ}
والجواب عن هذا من ثلاثة أوجه:
الأول: أنّ قوله تعالى: {مُتَوَفِّيكَ} لا يدل على تعيين الوقت, ولا يدل على كونه قد مضى, وهو مُتَوَفّيه قطعاً يوماً ما, ولكن لا دليل على أنّ ذلك اليوم قد مضى, وأما عطفه {وَرَافِعُكَ إِلَيّ} على قوله: {مُتَوَفِّيكَ} فلا دليل عليه لإطباق جمهور اللسان العربي على أن الواو لا تقتضي الترتيب ولا الجمع, وإنما تقتضي مطلق التشريك,
الوجه الثاني: أنّ معنى {مُتَوَفِّيكَ} أي منيمك ورافعك إليّ أي في تلك النومة, وقد جاء في القرآن إطلاق الوفاة على النوم في قوله: {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ}, وقوله: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا}, وعزا ابن كثير هذا القول للأكثرين, واستدل بالآيتين المذكورتين وقوله صلى الله عليه وسلم: "الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا.." الحديث .
الوجه الثالث: أنّ {مُتَوَفِّيكَ} اسم فاعل توفاه إذا قبضه وحازه إليه ومنه قولهم: "توفّى فلان دينه" إذا قبضه إليه.. فيكون معنى {مُتَوَفِّيكَ} على هذا قابضك منهم إلي حيا, وهذا القول هو اختيار بن جرير. وأما الجمع بأنه توفّاه ساعات أو أياما ثم أحياه فالظاهر أنه من الإسرائليات, وقد نهى صلى الله عليه وسلم عن تصديقها وتكذيبها .
======================
ويقول الشيخ الشعراوي رحمه الله في تفسيره
قلنا: إن علينا أن ننتبه إلى " واو العطف " بين "
متوفيك " و " رافعك ".
ومن قال إن " واو العطف " تقتضي الترتيب؟ إن " واو العطف " تقتضي الجمع فقط كقولنا: " جاءني زيد وعمرو " ، هذا يعني أن زيدا جاء مع عمرو. أو ان زيدا جاء أولا، أو أن عمرا جاء أولا وتبعه زيد، فـ " الواو " لا تقتضي الترتيب، وإنما مقتضاها الجمع فقط
لكن إن قلنا " جاءني زيد فعمرو " فزيد هو الذي جاء أولا وتبعه عمرو؛ لأن " الفاء " تقتضي الترتيب، أما " الواو " فتأتي لمطلق الجمع ولا تتعلق بكيفية الجمع، وسبحانه قال: } إني متوفيك ورافعك إلي { هذا الضرب من الجمع لايدل على أن التوفي قد تم قبل الرفع، ودليلنا أن الحق سبحانه أنزل في القرآن آيات تدل على مثل هذا، كقوله الحق:{ وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم }[الأحزاب: 7]
فسبحانه أخذ الميثاق من محمد صلى الله عليه وسلم وجمع معه سيدنا نوحا وإبراهيم، فهل هذا الجمع كان قائما على الترتيب؟ لا؛ لأن نوحا متقدم جدا في الموكب الرسالي وسبق سيدنا رسول الله بسنوات طويلة ويفصل بينهما رسل كثيرون. إذن فـ " الواو " لا تقتضي الترتيب في الجمع.
م/ ن
الموضوع الأساسي: قال تعالى ( إذ قال الله ياعيسى إني متوفيك ورافعك إلي )
المصدر: منتديات عروس
قال تعالى ( إذ قال الله ياعيسى إني متوفيك ورافعك إلي )
فما حكاية تقديم الرفع على الموت في الآية ؟
قال العلامة الشنقيطي رحمه الله تعالى
""قوله تعالى: {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيّ} الآية, هذه الآية الكريمة يتوهم من ظاهرها وفاة عيسى عليه السلام وعلى نبينا الصلاة والسلام, وقد جاء في بعض الآيات ما يدل على خلاف ذلك كقوله: {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ}, وقوله: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ}
والجواب عن هذا من ثلاثة أوجه:
الأول: أنّ قوله تعالى: {مُتَوَفِّيكَ} لا يدل على تعيين الوقت, ولا يدل على كونه قد مضى, وهو مُتَوَفّيه قطعاً يوماً ما, ولكن لا دليل على أنّ ذلك اليوم قد مضى, وأما عطفه {وَرَافِعُكَ إِلَيّ} على قوله: {مُتَوَفِّيكَ} فلا دليل عليه لإطباق جمهور اللسان العربي على أن الواو لا تقتضي الترتيب ولا الجمع, وإنما تقتضي مطلق التشريك,
الوجه الثاني: أنّ معنى {مُتَوَفِّيكَ} أي منيمك ورافعك إليّ أي في تلك النومة, وقد جاء في القرآن إطلاق الوفاة على النوم في قوله: {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ}, وقوله: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا}, وعزا ابن كثير هذا القول للأكثرين, واستدل بالآيتين المذكورتين وقوله صلى الله عليه وسلم: "الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا.." الحديث .
الوجه الثالث: أنّ {مُتَوَفِّيكَ} اسم فاعل توفاه إذا قبضه وحازه إليه ومنه قولهم: "توفّى فلان دينه" إذا قبضه إليه.. فيكون معنى {مُتَوَفِّيكَ} على هذا قابضك منهم إلي حيا, وهذا القول هو اختيار بن جرير. وأما الجمع بأنه توفّاه ساعات أو أياما ثم أحياه فالظاهر أنه من الإسرائليات, وقد نهى صلى الله عليه وسلم عن تصديقها وتكذيبها .
======================
ويقول الشيخ الشعراوي رحمه الله في تفسيره
قلنا: إن علينا أن ننتبه إلى " واو العطف " بين "
متوفيك " و " رافعك ".
ومن قال إن " واو العطف " تقتضي الترتيب؟ إن " واو العطف " تقتضي الجمع فقط كقولنا: " جاءني زيد وعمرو " ، هذا يعني أن زيدا جاء مع عمرو. أو ان زيدا جاء أولا، أو أن عمرا جاء أولا وتبعه زيد، فـ " الواو " لا تقتضي الترتيب، وإنما مقتضاها الجمع فقط
لكن إن قلنا " جاءني زيد فعمرو " فزيد هو الذي جاء أولا وتبعه عمرو؛ لأن " الفاء " تقتضي الترتيب، أما " الواو " فتأتي لمطلق الجمع ولا تتعلق بكيفية الجمع، وسبحانه قال: } إني متوفيك ورافعك إلي { هذا الضرب من الجمع لايدل على أن التوفي قد تم قبل الرفع، ودليلنا أن الحق سبحانه أنزل في القرآن آيات تدل على مثل هذا، كقوله الحق:{ وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم }[الأحزاب: 7]
فسبحانه أخذ الميثاق من محمد صلى الله عليه وسلم وجمع معه سيدنا نوحا وإبراهيم، فهل هذا الجمع كان قائما على الترتيب؟ لا؛ لأن نوحا متقدم جدا في الموكب الرسالي وسبق سيدنا رسول الله بسنوات طويلة ويفصل بينهما رسل كثيرون. إذن فـ " الواو " لا تقتضي الترتيب في الجمع.
م/ ن
الموضوع الأساسي: قال تعالى ( إذ قال الله ياعيسى إني متوفيك ورافعك إلي )
المصدر: منتديات عروس